Tuesday, February 17, 2009

البعث

المكان أشبه بمحطات القطارات, تجويف في باطن الأرض يتناثر عليه البشر من كل شكل ولون, ولكن هناك ما هو خارج عن المألوف, فتلك القناة التي من المفترض أن تكون مساراً للعربات الحديدية امتلأت بمادة سوداء لها من الحرارة ما يجعل من الصعوبة بمكان أن تتنفس, ومن العجيب وجود من يقوم بالسير فوقها بشكل طبيعي, بل والبعض أخذ يمرح هنا وهناك على ألواح للتزلج, تشق السطح فيظهر من الشقوق ما يوضح لك أن هذه المادة إلا حمم بركانية, يخرج منها الضوء في مشهد بديع, لا يعادله إلا مشهد أشعة الشمس في لحظة غروب صافية.

وقفت مندهشاً مما أرى, ما الذي أتى بي لهذا المكان؟ لست من هواة قطارات الأنفاق, وهذه ليست محطة عادية بالأساس.

فزعت حين رأيت الشقوق التي أحدثها اللاعبون تتسع, تخرج منها أسود لها جسد من نار في مشهدٍ مهيب وجليل, تخيل ما لهذه الكائنات من عظمة طبيعية, أضف إليها النار, لتجد نفسك أمام قوة عظمى, لا تملك أمامها إلا الإستسلام, فإن جاء موتاَ فلا أظنني ممن يفوتون الفرصة للموت بين براثن هذه الكائنات الباهرة.

خرجت الأسود من شقوقها, تزأر وتنشر النار في الأرجاء, لم أحس بخوف ولم أرتعش, كنت مشلولاً, إذا كانت هذه النهاية فمرحباً بها من نهاية, اقترب مني أحدها فلم أتحرك, نظرات نارية نفذت إلى بقايا روحي فلملمتها وخلقت منها روحاً جديدة, وقودها نار ليست قابلة للإنخماد, إنحنيت في تبجيل, فلا يجوز غير هذا.

وكأنني نلت الرضا, أحسست باللهيب يبتعد, يرتاح الجسد وتبقى الشعلة في الروح لا تخبو, تبعث في الحنايا قوة لا تقهر, أغذيها بالكره حيناً, وبالمحبة تزداد سعيراً.

No comments:

Post a Comment